خط فاصل

“عرفت أن الرجل لا يعرف شيئًا، أو لعلّه هو يعرف شيئًا لا أعرفه، أو أنّ كلينا يتوهّم ما يعتقد أنه يعرفه”

Loading

عدتُ إلى قراءة رواية قديمة لديّ بنسختها الورقية المحببة، فللورق ذاكرة عطرة قوية وذات اهتزازات عميقة في الروح.
مما جاء فيها: “عرفت أن الرجل لا يعرف شيئًا، أو لعلّه هو يعرف شيئًا لا أعرفه، أو أنّ كلينا يتوهّم ما يعتقد أنه يعرفه”. حيرة معرفية من نوع ما، وقرار متوازن يرضي جميع الاحتمالات، فهل نحن نعرف حقًا الشيء أو ماهية الشيء الذي نتبعه أو نؤمن به حقّاً؟ و هل للإيمان بأي شيء تاريخ صلاحية يا ترى؟

في رواية عزازيل للكاتب يوسف زيدان _ وجدوا صندوقًا يحوي مجموعة من اللفائف (الرقوق) التي كتب عليها راهب غير معروف الكثير من الحقائق أو ما يعتقده حقيقة أو ما يتوهم أنه الحقيقة، ويترنح في سرده جيئة وعودة من الماضي ليقارن بين ما حدث لأبيه الوثني في طفولته وبين ما يفعله اتباع أو مبشرو الدين الجديد لينشروا التعاليم، وما بين حله وترحاله وتدواله وقوة ملاحظته وإتقانه أربع لغات وإشادة كاتب الرواية بأسلوبه المتقن الرقيق في الوصف والسرد، وإذا ما تابعنا التاريخ بأحداثه أو ما نعتقد أنه التاريخ أو ما يتوهم الآخرون أنه التاريخ، أعتقد أني أشارك هيبّا تفكيره، وأشارك كاتبًا آخر يشرح في كتابه ما عليك أن تفعله كي تنشر دينًا جديدًا.
لا بدّ سيتحول الحكم على الكتّاب أو التاريخ أو المفصحين عن آرائهم إلى نوع من المحاكمة أو لا دينية الفكر. ولكن الفكرة التي بتّ أشك في صحتها بعد أن رأينا ما رأينا، هي مَن نحن حقًا؟ كائنات عاقلة تحكم كرة أرضية شاسعة بما فيها من يابسة ومياه وهواء أم مجرد مجتمعات قائمة على الفرضيات والطرق؟
في مقالة أوردتها إحدى صفحات الفيسبوك تقول بأن فرق الذكائ بين الإنسان والشامبانزي هي فقط 2% ، هذه النسبة البسيطة رفعت الإنسان مقامًا أعلى، ولكن بالمقابل ألا يمكن وجود كائنات أعلى منا ذكاء بالنسبة ذاتها، تجعلنا هذه النسبة كائنات بدائية نظمت نفسها في تجمعات وبرعت في التوصل إلى حل لبعض المعضلات المتعلقة بالزراعة والصناعة وتأمين الأمور المعيشية؟
يتبع

رنـا سميع قاسم

13-10- 2022  : 6:16 pm

Loading

أبواب من ضباب

– يقول: لم يفت الأوان بعد.
و تقول: الأوان ماض مستمر في التقادم.
أبواب من ضباب

Loading

 أبواب: هي مجرد فكرة عابرة، أو فكرة مقيمة، أو فكرة رحّالة، هكذا هي أوهامنا أو أحلامنا الصغيرة أو مساحتنا الضيقة من الرؤية لكل شيء وكل فترة زمنية أو مكانية أو حتى للأشخاص المتسربين من وإلى نوافذنا الحياتية كشعاع ضوئي من خيوط كوكب مشتعل..فكرة عابرة خارج نطاق الزمن المحسوس أو المحسوب.

ونحن الوطن الذي يمنح جوازات السفر وتذاكر الذهاب والإياب وصلاحيات الإقامة والترحيل والهجرة للأشخاص والأحداث لنا ومن حولنا، كحياة قابلة للطي داخل باب موصَد. فلا نحسب الباب المفتوح كالباب الموارب حيث الإطلالة الكاملة أو المجتزأة ليست سواء، لكن ثقلها الحقيقي في مصداقية المنظر أو الحكاية التي سُمح لنا بمشاهدتها.

في خطوة ما على الطريق أيّاً كان شكله أو خواصه الزمانية، نتوقف لنستريح من جميع ما قد يثقل كواهلنا في محاولة طفولية لإيقاف الزمن وحجزه في كبسولة فضائية خاصة، ومحاولات شتى عديمة المعنى لإعادة ترتيب الخطوات التي كان علينا أن نفكر بها بعقلانية الزمن والمخلوقات والنوايا والوقائع، ولسبب ما – قد يكون صدفة – لم نفعل.

– يقول: لم يفت الأوان بعد.

و تقول: الأوان ماض مستمر في التقادم.

في حجرة ضيقة لم تعد تتسع ليد مكسورة، نتأمل العجز متجسداً في يد مكسورة، وأرضية مهتزة، وقدم لم تعد تثق بقدرتها على التوازن أو التقدم.

جميعنا نبلغ هذه المرحلة الضبابية من العجز، متجسدين في جسد سليم يحمل روحاً تعبت أو فقدت قدرتها على النظر إلى ما وراء الباب الشفاف. حين نفقد الرغبة والثقة معاً، نفقد صمتنا ولا تجد كلماتنا -مهما بلغت من المنطق في شيء- سبيلها إلى جواب مقنع سوى الصمت الجليدي.

في مرحلة ما من الرحلة إلى هذا الكوكب الشاسع الذي لم نر منه سوى ” خرم إبرة” نتوقف لا لنتخذ القرار، أو نمضي عن أو مع شيء أو كائن ما، بل نتوقف لأن الأبواب تشابهت حتى باتت ضبابية اللون والدفء والعنوان، حيث بتنا نقف لأننا اعتدنا الوقوف هنا بقلوب تشعر بالبرد أو الغياب وليس بالترحيب، لا أكثر.  فهل : “فات المعاد” حقاً؟

أبواب
أبواب، ضبابية، ذاكرة

30\8\2022 ، 5.33 PM

رنا سميع قاسم

Loading

استرسال

جفاف . .

الريح تهز النوافذ عنفا .. 
ترجوها بعضاً من اكتراث .. 
تبرد .. تبرد . . تبرد ..
تتجمد .. 

Loading

استرسال

جفاف . .

الريح تهز النوافذ عنفا ..
ترجوها بعضاً من اكتراث ..
تبرد .. تبرد . . تبرد ..
تتجمد ..
يصطك الزجاج واقفاً دونما نتيجة ..
جفاف ..
وقلم يحاول أن يدور حول نقطة ..
يحاول أن يرسم ..
لكنه يفشل ..
يحاول أن يكتب ..
فيختار الصمت ..
يفتح الشاشات مللاً ..
ثم يغلق الستائر ..
يثور و يهدّد..
يعتذر عن فداحة جرأته ..
يتأسف بكل أدب ..
يمضغ دمعته على عجل ..
يطفئ الشمعة ..
و يصمت كما القبور الأليفة .

رنا سميع قاسم

 

Loading

انزلاق

-هل أنا القطرة المسحوبة مع القطرات بقوة جريان النهر المجنون الذي هو الحياة؟

– أم أنا شجرة تتحسّر على ظل روحها في صفحة نهر لايعرف بوجودها أصلاً في رحلة انطلاقته السريعة نحو المجهول؟

Loading

كما لا يستطيع النهر مهما أسرع في جريانه أن يمنع الأشجار من النظر إلى ظلالها فيه.
وكما لا يستطيع منع الهواء من خلق التجاعيد في جبين وجهه ..حتى و لو كانت لمسات هواء رقيقة لا صفعات عاصفة …
كذلك ربما:
أفكر الآن في أن الحياة كهذا النهر .. والمخلوقات مياهه، والظلال والهواء والأشجار هي الكون الخارجي العاصف.
أغمض عينَي لأتمنى أمنية طفولية بأن تتوقف جميع الأشياء وأكون خارجها، وأخرج من جلدي في رحلة بحث عن نفسي. وأتساءل: تُرى أين سأكون في هذه الصورة الجذابة المجمدة؟:
-هل أنا القطرة المسحوبة مع القطرات بقوة جريان النهر المجنون الذي هو الحياة؟
– أم أنا شجرة تتحسّر على ظل روحها في صفحة نهر لايعرف بوجودها أصلاً في رحلة انطلاقته السريعة نحو المجهول؟
– أم أنا ذاك الهواء الغريب الآتي عبر الزمن، خفيفاً رشيقاً انسيابياً لا يشعر بوجوده أحد؟
أبدل على عجل أمكنة القطرات المكونة للنهر، أتهيّأ الصعودَ إلى حواف الضفاف المتعاكسة، فأنزلق عبر بوابة الزمن لأعود إلى مكاني . . في ” اللامكان”
أنا كل شيء في اللاشيء.. فلمَ السؤال؟
رنـا سميع قاسم
11/7/2022

Loading

قصاصة مرتدة

عندما تفتح يدك وتعيد إغلاقها . . ستحتفظ بهواء آخر . . بحياة أخرى، وموت آخر .. 
لا يمكنك الاحتفاظ بحفنة الهواء ذاتها أكثر من مرة واحدة .. لقد أطلَقَتْك فأطلقها”

Loading

“الحياة والموت حفنتان من هواء .. لا تستطيع أن تحكم قبضتك عليهما لتقولبهما كما ومتى تشاء .
عندما تفتح يدك وتعيد إغلاقها . . ستحتفظ بهواء آخر . . بحياة أخرى، وموت آخر ..
لا يمكنك الاحتفاظ بحفنة الهواء ذاتها أكثر من مرة واحدة .. لقد أطلَقَتْك فأطلقها”

قصاصة الكترونية كتبتها منذ 2016، ولازالت حروفها عالقة على صفحة وورد، بخط صغير جدًّا. وجدتها الآن، أو أنها وجدتني لا أدري، لكن ما خطر لي بعد أن أعدتُ قراءتها فكرة أن الحجارة لا تسقط علينا من السماء عبثًا، إنها رسالة من (2016) للـ (2022). وجلستُ أكتب وأطرح على نفسي الأسئلة:
– ما الذي كان يحدث بي على مدة ثلاثة أيام؟
– أين اختفى اليقين وكيف جرتني بوستات الهداية إلى الرد على ما أراه الآن ( سياسة باسم الدين، لا دين ولا رسل ولا رسالات ربانية. لقد شوّه الإنسان الذي تركوه على هذا الكوكب بمحدوديته كل شيء وأول الأشياء وآخرها حياته وحياة الآخرين). ربما هذا السبب في انخفاض اليقين الذي طرأ.
– أو ربما هي الجدران الأربعة التي تحاول إعادتي إلى كينونة الفراغ الفكري والاستكانة لماتريكس المجتمع الذهبي القائم على العادات والموروثات والتبعية القبلية والاستثناءات للسادة دون العوام. وأتساءل الآن: كيف استطاعوا تطبيع الزمن بهذا الهراء؟ وكيف كرموا أنفسهم بالاستثناءات دونًا عن الآخرين؟ ثم كيف استطاع الآخرون على مر العصور تحجير عقولهم والمشي عراة الإرادة خلف هيمنة فكرية لا أساس لها؟!

– أو ربما مقطع الفيديو الذي شرحوا فيه الحال الذي آلت إليه حياة ابنة فيكتور هوغو، الفتاة الوحيدة التي سلمت من الموت لكنها لم تسلم من الحياة؟ وصنفت على أنها بطلة أكثر قصص الحب مأساوية من طرف واحد. كيف يمكن لأحد أن يهشم قلبًا زجاجيًا كهذا؟ وكيف لهذا القلب أن يصدق كذبة نمت في عقله حتى غيبتها عن الحقيقة؟
– جميعنا نتغير بشكل أو بآخر، بزمن أو في زمن آخر.. وجميعنا نسخ مطورة من ذواتنا القديمة، ونتائج اختباراتنا سواء التي اضطرتنا الحياة إلى تكرارها، أو اختفت كأنها لم تكن تاركة وراءها جلدًا لم يعد يصلح للاستعمال لا يأكله الدود ولا يعطره هواء. لكن ابنه هوغو حافظت على جلد لم تستحقه رداء ولم تعد النظر في مرآة روحها فانفصلت أو كانت في عالم أكثر نقاء من القسوة التي غرقت بها.

– ربما السبب هو رغبة قطي الأسود في الانعزال والتألم وحيدًا وزياراته الطويلة خارج المنزل وعودته وكأنه لا يعرفنا ولم نعد نعجبه؟ ربما هو الخوف من برودة مشاعره تجاهنا وهو الصغير الذي كبر بيننا على مر ستة أشهر تقريبًا. هل كبر وسوف يغادر؟ هل يعطيني درسًا في مصطلح (Let go). هو الذي صنع قدره بيده ودخل بيتنا عنوة ودخل قلوبنا بموائه الهادئ بلا استئذان. هل كان هذا القط يستخدمنا يا تُرى؟ أيضًا لا ندري وحتى إن وكنا ندري فنحن لا نشعر نحوه سوى بالامتنان. فهل هذا هو الدرس؟

رنا سميع قاسم

27/5/قصاصة، مرتدة، الحياة2022 / 2:50 ppm

Loading