أبي

 

gladiolus

تمضي الأيام مسرعة، و تسير كعادتك بخطوات واسعة سريعة،وقامة متوازنة؛ و بين خطواتك وخطواتي شارع شديد الاتساع، كاتساعها السماء .. أراك.. أتبعك بصمت، وبقناع رضا مزيف.. و كلما عادت حبالي الصوتية إلى عملها أنادي بأعلى صمتي: ما ودّعتك.
هل يفيد الوداع شيئاً؟ في حالتنا: هل كان الوداع مفيداً؟ّ ولمَ يعني الكثير إن كانت الحياة مهما طالت لا بد ستعلن إفلاسها من جسد ما، و تشيّعه، و تبقي على ذكراه في خزان الذاكرة والعيون والصور.
أنت وأنا .. نحن الاثنان اللذان كنا نشتعل حديثاً لساعات ثم نخبو كنار متعَبة من رمادها، لم يبق لنا شيء لنقوله لبعضنا.. و كلما هربت الكلمات وجدَتْ أبوابي مغلَقة.. كل الأبجدية، لن أصفها بالعاجزة، لكنها لن ترقى إلى حجم حبة خردل مما بات يختبئ متراكماً هنا في قلب منهَك بالغياب..

لا أحد يستحق هذا الكلام الكثير سواك.. فأنت الجميع .. و لا أحد أنت مهما اقترب منك في الهيئة والقرب..

في عيد ميلادك،أقول: ليتك لم تطفئ شموع هذه السنين العجاف من الغياب .. لم يتغير شيء مما كان نظاماً منزلياً، لكننا نكذب إن قلنا أن الأبواب الموصدة تمنحنا أمان صوت خطواتك و أنت عائد معلناً انتهاء سهرتك و نهاية اليوم للجميع..
نفتقدك في تفاصيلنا الصغيرة و الدقيقة .. نفتقد عمودنا الفقري الذي ذاب في غيابك.. و نتابع الحياة مثقَلين بانحناءة ظهر قسرية ..
في حضرة الغياب و الحضور .. اشتقنالك .. و أنا ما ودّعتك .. فالوداع لم يكن على لائحة الخيال .. انتظرتُ عودتك .. فعاد جسدك دون صوتك .. و منذ ذلك اليوم .. و الكلمات عنك تقفل عائدة نحو الداخل .. أحاديثنا .. بيني و بينك .. و لا تنتهي حتى و إن افترقنا .. قسراً.
الله يرحمك بابا
15/10/2021

رنا سميع قاسم

Loading

الكاتب: Rana Kasem- SYR

رنا سميع قاسم اللاذقية 10 حزيران 1983

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *