غياب

وحدها الألوان، حائط أبيض، فرشاة رسم و عقل متعَب .. وحدها من تخلق جنون اللحظة..
رنا قاسم

Loading

و يحدث لكَ أحيانا أن تلتصق بغرفتك… ورغم مكوثك طويل الأمد فيها … تشعر أنها لحظاتك الأخيرة التي لن تتكرّر؛ ترنو إلى تراقص الألوان مع الفرشاة في يدك..

هنا الصورة الأولى …

و هنا تغفو الثانية ..

هناك الحورية الرّعاش ترفع رأسها إلى … لا أدري إلى أين !

  منذ زمن لم نتجاذب أطراف الحديث … هههه منذ رسمتُها بات خوف الجميع عليّ من الجنون في أقصاه …

ألا نحتاج الجنون ! المغامرة … المبادرة بالأشياء الجميلة التي لا يتوقعها الناس من أشخاص مثلنا …
لا أضع النظّارة … التأكّد بأنك غير قادر على الرؤية يمنح الآخرين حرية أن يتصرّفوا كما لو كنتَ غائبا …
الجدران تتباعد … و العصافير تأكل (شيبس) الخبز على تلك النوافذ العتيقة …
لا بدّ أن أرفع تلك المرآة من مكانها … وجودها مزعج .. خاصة في الليل عندما يسهر ضوء النيون فوقي حريصا على أن أنال قسطا وافرا من نومي المتقطّع … نوم لا يفي بالغرض و لا يلتزم بالاستيقاظ في الوقت المحدّد …
هل نعلم أنّ فوضى الفراغ مزعجة جدا في أيّام العطل أكثر منها في أيّام الدراسة… نفتقد الكثير من الأشياء عندما نكبر … نفتقد كون غيابنا مصدر راحة لأهلنا .. نستمتع بالانزواء مع الأشجار ..وحيدين معها و الريح ثالثتنا …
هذه العصافير تودّعني لتنام … سيهبط الليل قريبا … و ما زلتُ في المكان نفسه من ساعات … بكامل أناقة الأفكار المشوّشة التي تعرض أزياءها أمامي … حتى آخر صيحاتها باتت ( أقلّ من عادية) … و أخبرها بذلك … لكن عبثا تصغي إليّ…

هل شعرت يوما بأنّك جزيرة مهجورة… و هل يُخيّل إليك أنك ستتعرض بسبب أفكارك إلى ذلك المسمَّى جغرافيا .. لا أدري التسمية الصحيحة .. لكن انزياح الطبقات المكوّنة للقشرة الأرضية أدى إلى ظهور القارات التي نعرف .. فهل نعاني هذا الانزياح في مرحلة ما من حياتنا … و كيف سيكون تأثير التكوين الجديد علينا …
ماذا لو كان هذا الانزياح غير كاف للقارة الجديدة …
أتساءل .. هل يشعر مثلّث برمودا بالوحدة? و هل عليه أن يقضي عمره مبتلعا أعماق الماء بكل أسراره?

 

رنــا سميع قاسم

( قصاصة مع تاريخ غائب)

Loading

الكاتب: Rana Kasem- SYR

رنا سميع قاسم اللاذقية 10 حزيران 1983

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *